responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 472
تَأْوِيلٌ بَاطِلٌ فَإِنْ وَقَعَ بِلَا دَلِيلٍ أَصْلًا فَهُوَ لَعِبٌ لَا تَأْوِيلٌ وَلِهَذَا نَهَى الْفُقَهَاءُ عَنِ اقْتِبَاسِ الْقُرْآنِ فِي غَيْرِ الْمَعْنَى الَّذِي جَاءَ لَهُ كَمَا قَالَ ابْنُ الرُّومِيِّ:
لَئِنْ أَخْطَأت فِي مدحي ... ك مَا أَخْطَأْتَ فِي مَنْعِي

لَقَدْ أَنْزَلْتُ حَاجَاتِي ... بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعِ
وَقَوْلُهُ: وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ حَالٌ وَهُوَ أَبْلَغُ فِي النَّهْيِ لِأَنَّ صُدُورَ ذَلِكَ مِنَ الْعَالِمِ أَشَدُّ فَمَفْعُولُ (تَعْلَمُونَ) مَحْذُوفٌ دَلَّ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ، أَيْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ذَلِكَ أَيْ لَبْسَكُمُ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ. قَالَ الطَّيِّبِيُّ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى الْآتِي: أَفَلا تَعْقِلُونَ [الْبَقَرَة: 44] إِنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى:
وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ غَيْرُ مُنَزَّلٍ مَنْزِلَةَ اللَّازِمِ لِأَنَّهُ إِذَا نَزَلَ مَنْزِلَةَ اللَّازِمِ دَلَّ عَلَى أَنَّهُمْ مَوْصُوفُونَ بِالْعِلْمِ الَّذِي هُوَ وَصْفُ كَمَالٍ وَذَلِكَ يُنَافِي قَوْلَهُ الْآتِي: أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ إِلَى قَوْلِهِ: أَفَلا تَعْقِلُونَ [الْبَقَرَة: 44] إِذْ نَفَى عَنْهُمْ وَصْفَ الْعَقْلِ فَكَيْفَ يُثْبِتُ لَهُمْ هُنَا وَصْفَ الْعِلْمِ على الْإِطْلَاق.
[43]

[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 43]
وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ (43)
أَمَرَ بِالتَّلَبُّسِ بِشِعَارِ الْإِسْلَامِ عَقِبَ الْأَمْرِ بِاعْتِقَادِ عَقِيدَةِ الْإِسْلَامِ فَقَوْلُهُ: وَآمِنُوا بِما أَنْزَلْتُ [الْبَقَرَة: 41] الْآيَةَ رَاجِعٌ إِلَى الْإِيمَانِ بِالنَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا هُوَ وَسِيلَةُ ذَلِكَ وَمَا هُوَ غَايَتُهُ، فَالْوَسِيلَةُ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ إِلَى فَارْهَبُونِ [الْبَقَرَة: 40] وَالْمَقْصِدُ وَآمِنُوا بِما أَنْزَلْتُ مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ، وَالْغَايَةُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ. وَقَدْ تَخَلَّلَ ذَلِكَ نَهْيٌ عَنْ مَفَاسِدَ تَصُدُّهُمْ عَنِ الْمَأْمُورَاتِ مُنَاسِبَاتٍ لِلْأَوَامِرِ. فَقَوْلُهُ: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ إِلَخْ أَمْرٌ بِأَعْظَمِ الْقَوَاعِدِ الْإِسْلَامِيَّةِ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَالنُّطْقِ بِكَلِمَةِ الْإِسْلَامِ، وَفِيهِ تَعْرِيضٌ بِحُسْنِ الظَّنِّ بِإِجَابَتِهِمْ وَامْتِثَالِهِمْ لِلْأَوَامِرِ السَّالِفَةِ وَأَنَّهُمْ كَمُلَتْ لَهُمُ الْأُمُورُ الْمَطْلُوبَةُ. وَفِي هَذَا الْأَمْرِ تَعْرِيضٌ بِالْمُنَافِقِينَ، ذَلِكَ أَنَّ الْإِيمَانَ عَقْدٌ قَلْبِيٌّ لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ إِلَّا النُّطْقُ، وَالنُّطْقُ اللِّسَانِيُّ أَمْرٌ سَهْلٌ قَدْ يَقْتَحِمُهُ مَنْ لَمْ يَعْتَقِدْ إِذَا لَمْ يَكُنْ ذَا غُلُوٍّ فِي دِينِهِ فَلَا يَتَحَرَّجُ أَنْ يَنْطِقَ بِكَلَامٍ يُخَالِفُ
الدِّينَ إِذَا كَانَ غَيْرَ مُعْتَقِدٍ مَدْلُولَهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا [الْبَقَرَة:
14] الْآيَةَ، فَلِذَلِكَ أُمِرُوا بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ لِأَنَّ الْأَوْلَى عَمَلٌ يَدُلُّ عَلَى تَعْظِيمِ الْخَالِقِ وَالسُّجُودِ إِلَيْهِ وَخَلْعِ الْآلِهَةِ، وَمِثْلَ هَذَا الْفِعْلِ لَا يَفْعَلُهُ الْمُشْرِكُ لِأَنَّهُ يَغِيظُ آلِهَتَهُ بِالْفِعْلِ وَبِقَوْلِ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلَا يَفْعَلُهُ الْكِتَابِيُّ لِأَنَّهُ يُخَالِفُ عِبَادَتَهُ، وَلِأَنَّ الزَّكَاةَ إِنْفَاقُ الْمَالُُِ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 472
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست